نفحات إيمانية

الشيخ علي محمد علي جنيدي ✔

آداب طلب العلم: دليل شامل للطلاب والشباب

علي محمد على عبدالعليم جنيدي
المؤلف علي محمد على عبدالعليم جنيدي
تاريخ النشر
آخر تحديث
طلب العلم من أشرف المقاصد وأعظم الأعمال التي يرتقي بها الإنسان في الدنيا والآخرة، وقد حثَّ الإسلام على طلب العلم وجعله فريضة على كل مسلم ومسلمة. 
قال النبي ﷺ: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" (ابن ماجه). 
فبالعلم يعبد الله على بصيرة، ويُميز بين الحق والباطل، ويُبنى المجتمع على أسس قوية. 
ولكن لتحقيق الاستفادة الكاملة من العلم، لا بد من التحلي بآداب طلبه. 
 1- الإخلاص في طلب العلم يجب أن يكون طلب العلم خالصًا لوجه الله تعالى، لا رياءً ولا سمعةً ولا طلبًا للدنيا، قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ (البينة: 5). 
فمن طلب العلم لمكانةٍ أو شهرة، فقد حُرم  بركته.
 2- الصبر والمثابرة العلم يحتاج إلى صبرٍ ومجاهدة، فقد كان العلماء يسافرون أيامًا وليالي طلبًا لمسألة واحدة. 
 قال الشافعي: "لن تنال العلم إلا بستة: ذكاء، وحرص، واجتهاد، وغربة، وصحبة أستاذ، وطول زمان".
 فالصبر هو مفتاح التفوق والنجاح. 
 3- احترام المعلم وتوقيره من آداب طلب العلم توقير المعلم والاستفادة من خبرته.
 قال الإمام الزهري: "العلم يؤتى ولا يأتي"، فلا بد للطالب أن يتحلى بالتواضع أمام معلمه، ويسأل بأدب، ولا يجادله بغير علم.
 قال النبي ﷺ: "ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه" (أحمد). 
 4- العمل بالعلم العلم لا يُطلب لمجرد المعرفة، بل للعمل به، فالعالم الذي لا يعمل بعلمه كمصباح لا يضيء لنفسه. 
قال الله تعالى: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ (الصف: 3). 
 وقال الإمام أحمد: "العلم لا يعدلُه شيء إذا صَحَّت النية". 
 5- التدرج في طلب العلم من الحكمة أن يبدأ الطالب بالعلوم الأساسية قبل التعمق في الفروع. 
 فكما قال العلماء: "من رام العلم جملة ذهب عنه جملة"، أي أن من طلبه دفعة واحدة ضاع منه كله.
 لذا ينبغي التدرج من الأسهل إلى الأصعب، والحرص على فهم كل مستوى قبل الانتقال للذي يليه. 
 6- التواضع وعدم الغرور العلم الحقيقي يُورث صاحبه التواضع، فكلما زاد علمه ازداد يقينه بمدى جهله. 
قال تعالى: ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ (يوسف: 76). 
 وقال الإمام مالك: "ما تعلمت العلم لذاتي، ولكن لينتفع الناس به".
 7- اختيار الصحبة الصالحة رفقاء الطريق لهم تأثير كبير على الطالب، فإن كانوا صالحين أعانوه على الاجتهاد، وإن كانوا عكس ذلك شغلوه بالدنيا. 
قال النبي ﷺ: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالل" (أبو داود). 
 لذلك احرص على الصحبة التي تحفزك على طلب العلم وتعينك على الخير. 
 8- حفظ الوقت واستثماره العلم يحتاج إلى تنظيم الوقت وعدم تضييع الأوقات فيما لا ينفع. 
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي".
 ومن أفضل الوسائل لاستثمار الوقت تخصيص وقت يومي للقراءة والمراجعة.
 9- التدوين والمراجعة لا يُحفظ العلم إلا بالكتابة والمراجعة، فقد قال الإمام الشافعي: "العلم صيدٌ، والكتابة قيده، فقيِّد صيدك بالحبال الوثيقة". 
 ولذلك، ينبغي للطالب أن يُدوِّن الفوائد ويلخص الدروس ليعود إليها عند الحاجة.
 10- الدعاء والاستعانة بالله العلم نورٌ من الله، فلا بد من طلب العون منه. 
وكان الإمام مالك يقول: "لا يبلغ أحدٌ العلم إلا بعون الله وتوفيقه".
 لذا، أكثر من الدعاء، كما قال النبي ﷺ: "اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علمًا" (الترمذي). 

وخاتما 
 طلب العلم رحلة عظيمة تحتاج إلى إخلاص، صبر، اجتهاد، وعمل. 
فاحرص على التحلي بهذه الآداب، تكن من المفلحين.
 أسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الذين يطلبون العلم ابتغاء وجهه، فينفعهم به في الدنيا والآخرة.


تعليقات

عدد التعليقات : 2