✍️بقلم الفقير علي محمد علي جنيدي
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
الإخلاص في العبادة هو أساس القبول عند الله، وهو شرط لصحة الأعمال. قال الله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ (البينة: 5). فبدون الإخلاص، تصبح الأعمال هباءً منثورًا، ولا يُكتب لها القبول.
معنى الإخلاص
الإخلاص هو تصفية النية من كل شائبة، بحيث يكون العمل خالصًا لوجه الله لا يُراد به مدح الناس ولا ثناؤهم. قال النبي ﷺ: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (البخاري ومسلم). فكل عبادة يجب أن يكون دافعها طلب رضا الله وحده، دون التفات إلى ثناء البشر أو مصالح دنيوية.
أهمية الإخلاص في العبادة
قبول الأعمال: لا يُقبل العمل عند الله إلا إذا كان خالصًا وصحيحًا، أي موافقًا لسنة النبي ﷺ.
مضاعفة الأجر: قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ (المائدة: 27).
النجاة من الرياء: الرياء يحبط العمل، وقد حذر النبي ﷺ منه، فقال: "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء" (أحمد).
القرب من الله: فالمخلص في عمله يعيش في معية الله وحفظه وتوفيقه.
كيف تحقق الإخلاص في العبادة؟
تذكر عظمة الله: استشعر أن الله يراك ويعلم نيتك، فلا تعمل إلا له.
إخفاء العمل الصالح قدر المستطاع: فالأعمال الخفية أكثر بركة، كما قال النبي ﷺ: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... وذكر منهم: ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" (البخاري ومسلم).
الدعاء بطلب الإخلاص: فقد كان السلف يدعون الله أن يرزقهم الإخلاص في أعمالهم.
محاسبة النفس: راجع نيتك قبل العمل وأثناءه وبعده، واسأل نفسك: هل فعلت ذلك لله أم للناس؟
الابتعاد عن حب الثناء: لا تنتظر مدح الناس، بل اجعل رضا الله هو هدفك.
طلب العلم الشرعي: فالعلم يعينك على فهم أهمية الإخلاص وخطورته.
أمثلة من سلفنا الصالح في الإخلاص
أبو بكر الصديق رضي الله عنه: كان ينفق ماله سرًا وعلانية، لا يريد إلا وجه الله.
عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كان يقوم الليل ويبكي حتى يُسمع صوته في آخر الصفوف.
الإمام مالك: كان يقول: "ما تعلمت العلم للناس، وإنما تعلمته لنفسي، وما كان لله يبقى".
وخاتما
الإخلاص هو سر القبول، وهو سبب رفعة الدرجات، وبه يصل العبد إلى محبة الله ورضوانه. فلنجعل أعمالنا خالصة لله، بعيدًا عن الرياء والسمعة، ولندعُ الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.
نسأل الله أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يتقبلها منا بقبول حسن، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.