نفحات إيمانية

الشيخ علي محمد علي جنيدي ✔

ذنوب الخلوات

علي محمد على عبدالعليم جنيدي
المؤلف علي محمد على عبدالعليم جنيدي
تاريخ النشر
آخر تحديث


 🖋️بقلم الفقير علي محمد علي جنيدي

ذنوب الخلوات هي من أخطر الذنوب اللي ممكن الإنسان يقع فيها، لأنها بتكون في الخفاء، بعيد عن أعين الناس، لكن لا يمكن تكون بعيدة عن عين الله سبحانه وتعالى. وواحدة من أكبر وأخطر الذنوب دي هي الإباحية اللي بقت منتشرة بشكل رهيب في عصر الإنترنت. مع الأسف، مواقع الإباحية بقت متاحة بضغطة زر، وكتير من الشباب وحتى الكبار بيلجؤوا ليها في السر، وهم فاكرين إن طالما محدش شايفهم، مفيش مشكلة. لكن الحقيقة إن ذنوب الخلوات دي بتأثر على قلب الإنسان، وبتبعده عن الله سبحانه وتعالى بشكل غير مباشر.


ربنا سبحانه وتعالى بيقول في القرآن الكريم:

"يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ" (غافر: 19)،

يعني حتى النظرات اللي الإنسان بيبص بيها للحاجات الحرام في السر، ربنا شايفها وبيحاسب عليها. ممكن الإنسان يفتكر إن نظره الحرام أو مشاهدته لحاجة زي الإباحية حاجة بسيطة، لكنها عند الله عظيمة، لأنها بتفسد القلب، وبتخليه مش قادر يقرب من ربنا زي ما كان قبل كده.


النبي صلى الله عليه وسلم كمان قال في حديث خطير جدًا:

"لأعلمنَّ أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء، فيجعلها الله هباءً منثورًا"، قال ثوبان: يا رسول الله، صفهم لنا، جلّهم لنا، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: "أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم قومٌ إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها" (رواه ابن ماجه).

الحديث ده بيحذرنا إن فيه ناس ممكن يكونوا بيصلوا وبيصوموا وبيعملوا حسنات كتير جدًا، لكن لما يجوا يوم القيامة يلاقوا كل الحسنات دي راحت، ليه؟ لأنهم كانوا بينتهكوا حرمات الله في السر، بمعنى إنهم كانوا بيعملوا ذنوب في الخفاء، زي مشاهدة الحرام أو غيره.


دلوقتي لو فكرنا في الإباحية كواحدة من ذنوب الخلوات، هنلاقي إن ليها تأثير كبير جدًا على الإنسان من الناحية الدينية، النفسية، والاجتماعية.

أول حاجة، من الناحية الدينية، الإنسان بيلاقي نفسه بعد فترة مش قادر يركز في صلاته، قلبه بقى قاسي، ومفيش حلاوة في العبادة. وده لأن الذنوب دي بتعمل حاجز بين الإنسان وبين ربنا. زي ما النبي عليه الصلاة والسلام قال:

"إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" (رواه البخاري).

لو الإنسان فقد الحياء، هيعمل أي حاجة بدون ما يحس إنها حرام، وده اللي بيحصل مع اللي بيشوف الإباحية. مع الوقت، الحياء بيضيع، والإنسان مبيحسش بأي تأنيب ضمير لما بيقع في الذنب ده.


ومن الناحية النفسية، الإدمان على الإباحية بيخلي الإنسان يفقد قدرته على التواصل الطبيعي مع الناس، بيحس دايمًا إنه بعيد عنهم، ومنعزل. الإدمان ده كمان بيؤدي لأضرار نفسية زي القلق، الاكتئاب، والفراغ العاطفي. يعني، بدل ما الإنسان يكون مرتاح وسعيد، بيلاقي نفسه دايمًا مش مبسوط، ومش عارف السبب.


طيب، إيه الحل؟ هل فيه مخرج من الذنوب دي؟

طبعًا، الحل هو التوبة الصادقة. ربنا سبحانه وتعالى بيقول:

"وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ" (آل عمران: 135).

يعني حتى لو الإنسان وقع في الذنوب الكبيرة زي الإباحية أو غيرها، لو رجع لربنا وطلب منه المغفرة، ربنا هيغفرله. لأن ربنا هو الغفور الرحيم، وبيحب التوابين. كمان النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون" (رواه الترمذي).

مفيش إنسان معصوم من الخطأ، لكن الفرق إن الشخص المؤمن بيحس بالذنب ويرجع بسرعة لربنا، ويطلب منه المغفرة.


كمان، لازم الإنسان يعمل على إنه يبعد عن الأسباب اللي بتخليه يقع في الذنب. يعني، لو الإنترنت هو السبب، يبقى لازم يتحكم في استخدامه ليه، ويحاول يشغل نفسه بحاجات مفيدة. ممكن يمارس الرياضة، أو يقضي وقته في قراءة القرآن، أو يتعلم حاجة جديدة. وفيه كمان حاجة مهمة جدًا وهي الصحبة الصالحة. النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل" (رواه أبو داود).

يعني لازم نختار أصدقائنا بعناية، لأنهم ليهم تأثير كبير على تصرفاتنا. لو صاحبنا ناس بتذكرنا بالله، هيكون أسهل علينا نبعد عن الحرام.


وفي النهاية، دايمًا افتكر الآية الجميلة دي:

"فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ" (الذاريات: 50)،

يعني مهما كانت ذنوبك، اهرب لربنا، لأنك مش هتلاقي الراحة ولا السعادة إلا لما تكون قريب منه. ربنا كريم وغفور، وبيحب اللي بيرجع له، حتى لو غلط مليون مرة. المهم إنك تكون صادق في توبتك، وتكون عندك إرادة إنك تبدأ من جديد.


ربنا يعافينا جميعًا من ذنوب الخلوات، ويجعلنا من اللي بيحافظوا على علاقتهم بربنا في السر والعلن.

تعليقات

عدد التعليقات : 0